المواطن وعلاقته بالتنمية البشرية
التنمية البشرية مفهوم صار يسمعه المواطن العادي بكثرة غير أن الفهم البسيط أوصل البعض لسؤال وحيد و هو: عن أي تنمية بشرية تتحدث كل وسائل الإعلام؟
فالحياة اليومية في نظر شريحة من الناس لم يتغير فيها شيء, حيث لازال غلاء الأسعار على حاله . والقدرة الشرائية قاصرة عن تلبية المصاريف اليومية. كما أن ظروف العمل بالنسبة للكثيرين لا تحترم أدنى شروط الانسيابية . فلو كانت التنمية البشرية حدثا , سيقولون أنهم ألفوا سماع مشاريع في طور الانجاز هنا وهناك . وان كانت التنمية البشرية مرحلة انتقالية , سيقولون أيضا أنهم ألفوا سماع تلك العبارات من أحزاب سياسية لا تتعب من تكرار نفس القصص والروايات. وان كانت هذه التنمية البشرية حقيقة فلا ضير من التأكد من وجودها في الواقع.
ففعلا شهد المغرب في الآونة الأخيرة اهتماما متزايدا بالمشاريع الصغرى المذرة للدخل, ونشأت تعاونيات اتخذت من المنتوج الوطني الخالص منبعا للاستثمار وانفتحت على أسواق خارجية وعقدت شراكات جعلتها أكثر توسعا وانفتاحا كما شهد المغرب كذلك تطويرا للثرات لجعله أكثر ملائمة لاحتياجات العصر مع الحفاظ على مقوماته الأصيلة كما أصبحت الدولة تعطى امتيازات وتسهيلات لإنشاء المقاولات الصغرى والمتوسطة والتي تشتغل بمجالات اقتصادية متنوعة وعرف بعضها استمراية واستطاعت تشغيل أيدي عاملة لا باس بها ما أكد على أهمية مثل هده المشاريع التي ينعكس أثرها على الحياة الاجتماعية لبعض الأسر التي خرجت بفضلها من براتين الفقر وتمكنت من ضمان مصدر رزق لها ولأبنائها.
كل ذلك شكل دفعة جديدة للاقتصاد الذي أصبح يعتمد على ما يزخر به المغرب من إمكانات بشرية , وموروث تقليدي ليكون انطلاقة ايجابية لدخول أسواق عالمية . خاصة منتوج "الأركان" الذي صار يعرف رواجا تجاوز حدود الوطن وقد تمكنت جمعيات وتعاونيات كثيرة من خلق منافسة قوية والترويج للمنتوج لوجهة خارجية كدول اوروبا وغيرها لكن هذه التعاونيات تعرف بدورها مشاكل عديدة خاصة وأن شجر" الاركان" أصبح مستهدفا بشكل مخيف من قبل جهات كثيرة وصارت السوق بمثابة حرب باردة يتصارع فيها المتاجرون بأسبقية الحصول على حصة الأسد من زيت "الاركان" كما أن بعض التعاونيات لا توفي بالتزاماتها لأيدي العاملة التي تستنزف طاقاتها مقابل ثمن بخس في حين يتم بيع وتصدير المنتوج بأثمان باهضة .
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لم تستطع بعد أن تحوز ثقة المواطن المغربي البسيط والذي لازال يتخبط في مشاكل يومية ولم يبسط الإعلام بعد مفهومها ليشعر المواطن بدوره الأساسي في الدفع بهدا المشروع الوطني الهام. لكي لا يحس بأنه مقصي من الاستفادة من هذه الفرصة .
لذلك لازلنا في حاجة لإيصال أهداف ومقاصد التنمية البشرية لكل الشرائح على اختلافها ليس فقط المرأة القروية من هي في حاجة ماسة لعمل . يوجد في المجتمع شباب وطاقات فتية تشيخ قبل الأوان في غياب للدعم والمساعدة لتحقيق الذات وبنا ء مستقبل يحميهم من الضياع فالأولى أن تكون التنمية البشرية شاملة وعامة مع التركيز على الفئات المحتاجة في الحواضر والبوادي كي لا تكون فئة مقصية دون غيرها حتى يسترجع المواطن ثقته بنفسه ويشعر بانتمائه الفعلي لهذا الوطن.
وان كنا نحلم بمغرب يتطور وينمو لابد من أحداث مناخ ملائم يساهم ولو قليلا في ضمان حياة كريمة واستقرار ولو نسبي لعائلات لا تلبث أن تخرج من مشكلة حتى تجد نفسها غارقة في مشاكل اخرى لا تنتهي من هنا كان لابد من تقييم النتائج التي خرجت بها التنمية البشرية لمعرفة مكامن القوة والضعف حتى تصل إلى ما هو منتظر منها في السنوات المقبلة.
بقلم : مبارك الواثق