خولة اجعيفري*
شعار أصبح يردد مع بداية كل غضب شعبي لتستهل بذلك حلقات مسلسل الآكشن والصراعات المشحونة بالاصوات المنددة للنظام وتطالب بنظام جديد ينهج الديمقراطية الصادقة والشفافة لكن عن اي ديمقراطية نتحدث؟.هذا المصطلح الذي بات دارج على كل لسان وحلم يراود الجميع لكن هل هذا 'الجميع ' يعلم حقا ما يعنيه هذا المصطلح ثقافيا؟
هنا نقف عند إشكالية العرب الكبرى منذ اجل غير مسمى،لماذا طريقهم شاق نحو الديمقراطية الحقة؟ثم ما الذي يعنون بالديمقراطية وكيف حضروا أنفسهم للعيش في نعيمها؟.فالكل اي (المنظومة العربية)أصبحت تحلم بالعيش ضمن مجتمع ديمقراطي له إمتيازات أمريكا،فرنسا أو بريطانيا.الكل يراوده الحلم بمثل تلك المنضومات العظيمة في الحكم ورسم المجتمع المدني،حماية الحقوق ،صرامة و انضباط المجتمع بالقوانين،فهذا النظام اكثر من رائع هو الذي ينتج عنه كل ما يحمي المواطن من قوانين وعيش رغيد وآمن من خلال الحرية الفكرية الضرورية و الخيرات السياسية المتاحة..هذا الحلم الذي اصبح كابوسا للبعض..
وفي معالجة لنفس الإشكالية التي أثمرت كتاب سمي ب ' تفسير العجز الديمقراطي في الوطن العربي ' الذي حرره إبراهيم البدوي و سمير المقدسي،يقول الدكتور فواز جرجس في مقدمة الكتاب ' أن هناك فجوة كبيرة بين الفهم النظري للديمقراطية وتحقيقها الفعلي في أغلب الأحوال وبخاصة البلدان النامية ' .
فإيمان الفرد بضرورة تطبيق الديمقراطية هذا لا يعني أنه متشبع بالفكر اللديمقراطي وواع بثقافته.فهاته الثقافة الديمقراطية تتطلب قبل كل شيء سلوكا ليبراليا مع المختلفين سواء في الدين ،المذهب،الفكر،العرق او اللون..
فهذا العالم العربي المشحن بالصراعات الداخلية و التمييز الفكري الطائفي والعرقي لا يسعه إلا أن يعزز الفجوة الكبيرة الكامنة بين المطالبة بالديمقراطية وإمتثال متطلباتها.
لكن ما يثير الجدل هو هذا النفاق الذي أصبح يعيشه المواطن العربي،كيف أصبح يدعو للديمقراطية وفي الوقت ذاته يصف النظام الحاكم ' بالديكتاتوري ' ويعمل على إزاحته أما من يؤيد 'النظام الحاكم ' فهو الخائن والطرف الآخر اذي يجوز نبذه وبالتالي وضع حد لحياته.فكيف عسى المواطن ان يقتل اخاه المواطن نتيجة اختلاف في الرأي ، أو هاته الديمقراطية التي تدعون لها؟
فالديمقراطية أولا وأخيرا تدعوا لتقبل الرأي الآخر و احترامه .وكما لاحظنا من خلال الثورة المصرية أنه تم تفنيد و تهجير وطرد كل من كان مع النظام السابق وهذا ا يعني نجاح ثورة الفراعنة ..علما أن مقياس نجاح الثورات رهين بمدى نجاعة الإصلاح والذي لم نلمسه لحد الساعة ،وقد طبقت هاته السياسة اللاديمقراطية على مجموعة من الصحافيين و النقاد والفنانين بل و حتى المواطنين فأين هم الفراعنة من الديمقراطية؟.
فما يحص في كواليس العالم العربي تؤيده مجموعة من الدول (الديمقراطية)والتي أشك في مدى ديمقراطيتها كأمريكا ودول الإتحاد الأروبي التي تدعو لضرورة تغييرالأنظمة التي تدعوها بالسلطوية الحاكمة في العالم العربي تمهيدا لنشوء أنظمة أكثر ديموقراطية محلها وذلك للإنسجام مع دعوتها لنشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في العالم.وتخوفها من أن يحدث في هاته الدول العربية (اللاديمقراطية)ما حدث في إيران أي إستيلاء رجال الدين الاسلاميين المتطرفين على الحكم وما يترتب عن ذلك من إنعكاسات سلبية على مصالحها وحربها ضد الإرهاب الدولي وإنشاء بعملية السلام. ونسطر هنا بخط أحمر على ' إستيلاء رجال الدين الاسلاميين
المتطرفين على الحكم' لنتذكر العلاقة الجد متوترة بين واشنطن و طهران.ثم أكدت أمنا أمريكا ان بعد فجر الأنوار الذي يعيشه العالم العربي يؤكد على قناعتها بأن قيام أنظمة ديمقراطية في العالم العربي سيسهل عملية السلام التي نظرها بعض السياسيين والمنظرين الإسرائليين لإقناع الادارة الامريكية بها منذ عهد الرئيس السابق جورج بوش والذي ستكون أمريكا مستفيدة منه فبحسب أمريكا هذا هو الحل الأنسب لوضع حد للصراع العربي الاسرائيلي بهاته الخطة الذكية سيزرع جاسوس داخل الجسد العربي
هنا أساءل أمريكا اين تموقع فلسطين وفي أي كفة؟؟
فهذا الموقف المتذبذب لأمريكا لا يسعني إلا ان أتذكر موقف أحد الفلاسفة المعاصرين اللذي أكد أن الدول التي تتبنى الديمقراطية والحداثة هي بالفعل تلك التي تدعيها ولا تدعو لها ففي فكرها وسياستها تقوم بكل ما ينافي ديمقراطيتها وشعاراتها الزائفة.
إن طريق العالم العربي نحو الديمقراطية الحقة شاقة ومليئة بالأشواك الثائرة.لأن المواطن العربي في أي لحظة سيناصر الجماعات التي تؤيده والتي تلبس قناع الدين وتحتمي به بل وتعتبره دعاية.فمتطلبات الديمقراطية قبل أن تكون سياسية فهي أولا ثقافية،فيجب إيمان الفرد بالديمقراطية والتسامح لكي لا تترك مجالا لأي حرب طائفية(كما يحصل حاليا في لبنان)وإن كانت الديمقراطية هي افضل نظام للحكم فهي سلاح ذو حدين لشدة استغلاله من قبل البعض في أمور فوضوية ولاتكسب الشرعية لاسيما في منطقة تحدق بها الذئاب من كل حدب وصوب،فالمواطن العربي يجب أن لا يكفيه رفع اللافتات المطالبة بالديمقراطية بل من المهم جدا ان يعي بما ينادي و يعلم شروطه .
فهذه الديمقراطية تنتج في مجتمع مستعد ثقافيا وليس فقط سياسيا وتنظيميا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق