إفتتاحية
في خضم ما يشهده الإعلام الإلكتروني من حراك في الآونة الأخيرة، و الإهتمام الذي أصبح يوليه المتتبعون لهذا الحقل الاعلامي والذي بدأ يفرض نفسه بقوة داخل المنظومة الإعلامية، ساهم في ذلك مسايرته للتطور الذي يشهده عالم المعلوميات، والتأثير الذي لحق المشهد الإعلامي بصفة عامة ، بالإضافة إلى سهولة ولوجه، وفاعليته، وكذا سرعة تجديد وتحيين محتواه .فيكفيك أن تكون فقط متصلا بشبكة الانترنيت حتى تجد نفسك ببضع نقرات وسط كم هائل من المعلومات والأخبار كل هذه المعطيات ساهمت بشكل كبير في تعبيد الطريق أمام هذا الإعلام الفتي لينافس بذلك أعتى و سائل الإعلام التقليدية.
كيف جاءت الفكرة
و نحن نفكر في مشروع تخرجنا لفت انتباهنا غياب أي مرجع إعلامي للمعهد قد يعود إليه الطلبة لإبراز قدراتهم و نشر إنتاجاتهم الصحفية ،كان لابد أن نخطو خطوة تمكننا من إستدراك هذا الفراغ باستثمار كل ما نملك من خبرات لكي نشركهم معنا في تحقيق هذا المبتغى بحيث سنتحول من مستهلكين للمعلومة إلى مساهمين في إنتاجها.

اخر ما كتب

الجمعة، 17 يونيو 2011

أجساد بلا روح - رشيد إسماعيلي

 رشيد إسماعيلي
كنت جالسا في مقهى راق,ارتشف فنجان قهوة ثمنه يساوي خمسة أضعاف قيمة مشروب عادي في مقهى عادي,ماشي مشكل,ما دمت أستمتع برؤية وجوه الهاي بيبل تحت أضواء خافتة جعلتني اشعر كأنني أشاهد فيلم من الدرجة الثالثة المفلسة فنيا صوتا
و صورة.
كانت أغلب المشاهد تبدو لي متكررة, أشباه الرجال يتجاوز سنهم الخمسون يجالسون فتيات أكاد أجزم أنهن قاصرات, إن لم يكن
في السن فالأكيد أنهن قاصرات في العقل...
نساء نحيلات يدخن بشراهة و يتحدثن بانفعال عن حقوق المرأة و كيف يمكن أن يحتفي بالمرأة طول السنة ,ماشي غير نهار واحد؟نساء تافهات يطالبن بالعدالة في دولة باقي حتى الراجل ما لقى فيها حقو,و محروم من نهار واحد نترحموا عليه فيه.
بجواري كان هناك رجل يرتدي نظارة طبية أنيقة و يعتمر قبعة ذكرتني برفاق الأمس الماركسيين يتحدث بصوت عال عن الصحافة و دورها في النهوض بالبلاد و بلا بلا بلا ... لم يتوقف حتى رن هاتفه :

الو حبيبة,سارة رجعات من المدرسة؟-
أنا باقي شاد الطريق من دابا ساعتين غاندخل اكادير.-
تمنيت ان أصرخ في وجهه أشمن صحافة الله يهديك؟أنت كاتكذب على مراتك أما القراء ااش غاتدير معاهم؟؟
أشحت بوجهي إلى الجهة الأخرى فرأيت مسير المقهى يستقبل أحد الزبناء بحفاوة :
مرحبا بيك ا شاف زارتنا البركة.-
سربي جيب قهوة كحلة و معاها الساكارين كيما العادة.-
أجابه المسير بنبرة تفوح منها رائحة الخوف :
دابا تجيك أ شاف.-
بدأت أتساءل سبحان الله ها هو عندو المال و السلطة ,لكن ما عندو صحة؟ واش من كثرة الجرائم والفضائح اللي شاف ولا هادي شي دعوة خايبة يا ربي السلامة؟ الله و اعلم.
مرت الدقائق بطيئة كأنها ساعات,أحسست بالملل يجتاحني,فأنا لا أنتمي إلى هذا المكان,لا أنتمي إلى عالم القطط السمينة هذا,لذا قررت إن أرتشف أخر رشفة من فنجاني و الإستعداد للمغادرة لكن فجأة سمعت صوت ارتطام قوي و صراخ أحد الزبائن :
غانربيك الموسخ.-
استدرت بسرعة لأفاجأ بالنادل ساقط أرضا يتلقى الصفعات من أحد الأثرياء الغلاظ,جسما و قلبا,حاولت التدخل لكن لا حياة لمن تنادي,لم يحرك أحد ساكنا ,الكل كان يبتسم,الكل كان يحاول أن يفرغ مكبوتاته في هذا النادل المسكين.
بعد أخذ و رد و شوية ديال العنف بطبيعة الحال استطعت أن أخلص النادل من قبضة الفرعون,لكنني لم أستطع أن أمنعه من البكاء,شعرت بطاقة عنيفة تسري بدمي,شعرت برغبة قوية للإنتقام,لكن العين بصيرة و اليد القصيرة و هاذ الشاف غايشد فيا غير أنا,
أديت ثمن القهوة و غادرت المكان قبل أن أصاب بعدوى الحكرة التي سيطرت على الجميع,غادرت وفي رأسي فكرة واحدة أن المقهى هو نموذج مصغر للمغرب,زبناؤه هم الأغنياء المستمتعون بأموالنا ضاربين بالقيم و المبادئ عرض الحائط,و الشاف هو رمز السلطة المريضة اللي مكملة غير بالساكارين,تحت شعار عين شافت عين ما شافت,أما النادل فهو الشعب المكافح في زمن لا معنى فيه للكفاح,زمن أصبحت فيه القيم مجرد خرقة بالية تتقاذفها الأرجل,النادل هو المواطن الذي أصبح يشعر بالغربة في وطنه.
غادرت إلى الخارج مختفيا وسط فوضى المجتمع الذي أصبح أفراده مثل شخصيات أفلام الزومبي, أجساد بلا روح .

مواطن  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موقع إلكتروني إعلامي، عين و لسان كل صحفي

IJAPRESS. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

ارشيف المجلة

التعليقات الاخيرة

اخر ما اضاف