الأسر العربية والامازيغية. إلى أين؟
أصبح مفهوم العائلة في عصرنا اليوم يأخذ أبعادا وأنماطا مختلفة, بسبب التغيرات الحاصلة في المجتمعات عموما والمجتمع العربي خصوصا. فأصبحنا نرى التواصل في أشكال متنوعة. غير أن هدا التغيير حمل معه متناقضات كثيرة فبعدما كان أفراد الأسرة يجتمعون في اليوم أكثر من مرة صرنا نرى الفرد في الأسرة الواحدة يعيش في عالم مستقل ومعه أشخاص يتواصل معهم خارج المحيط العائلي وداخل المنزل نفسه..فيكون هدا الأخير ملما بأخبار وأحداث من مناطق بعيدة ولأناس غرباء أحيانا, في حين تغيب عنه أخبار ومستجدات تتعلق بعائلته الأقرب إليه مسافة, وكثيرا ما يغيب عن دهن المدمن على الانترنت انه بقدر تواصله مع العالم الخارجي من خلال الشبكة العنكبوتية, بقدر ابتعاده أيضا عن صلة الدم التي تجمعه بأبويه وإخوته.
فالتفكك الأسري حسب بعض أخصائي علم الاجتماع ينتج عن غياب الحوار والتواصل والمشاركة في أعباء واحتياجات تتعلق بالمحيط اليومي للأسرة. فالمنزل بمفهومه الحالي يخفي بداخله بيوتا متفرقة لكل شخص فيها مشاكله الخاصة وحياته الفردية. والتي يتقاسم تفاصيلها مع أناس قد لا تتجاوز مدة التعارف بينهم ساعات ,وان تقادمت فلن تتعدى سوى بضع سنوات.
ما يحدث في مجتمعاتنا ليس إلا تحصيل حاصل, مما راكمه سوء استعمال التكنولوجيا الحديثة . والتي لا ينكر احد ايجابياتها ومع دلك تركت بصمات سلبية في مجتمعاتنا, التي لطالما كانت الوحدة الأسرية أهم ما يميزها . بدء بالعائلة الكبيرة التي يحكمها الجد والجدة وانتهاء بالعائلة الصغيرة التي يسير مسارها الأب والأم. وهكذا أصبحنا اليوم نتشابه مع دويلات خالفت التقاليد والأعراف, وسارت باتجاه عولمة الحياة الاجتماعية, بعدما سبقها الاقتصاد الراسمالي.
لكن هدا لا يعني انقراض اسر محافظة لازالت تعتمد التواصل الداخلي كأهم ركيزة ينبني عليها المنزل العربي الأصيل. غير أن بقاءها رهين بالحفاظ على كل ما هو متأصل ومتجدر في عروق شعوبنا العربية والامازيغية. حتى لا تضيع الهوية ونصبح أشباه دول كانت تملك تاريخا أصبح مجرد ماض ولى.
لابد ادن من وقفة متأنية للوقوف عند الاختلالات التي أصابت اللبنة الأساسية في تكوين أي مجتمع, وهي العائلة . للفصل بين اعتماد الانترنيت كوسيلة وبين الإدمان والانغماس في الإبحار في عوالم خيالية تبتعد عن الواقع وتهدد بقاء التواصل العائلي بكل ايجابياته.
بقلم : مبارك الواثق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق